يعد كتاب “في أيدي العسكر: الحرية والفشل الأمريكي في مصر” من أبرز الكتب السياسية التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والبحثية، نظرًا لما يتضمّنه من شهادات ووثائق وتحليلات دقيقة لأحداث الثورة المصرية عام 2011 وما تلاها من تحوّلات سياسية حادّة.

الكاتب الأمريكي ديفيد كيركباتريك (David D. Kirkpatrick)، المراسل السابق لصحيفة نيويورك تايمز في القاهرة، يقدّم في هذا العمل سردًا تفصيليًا لتجربة مصر مع الديمقراطية بعد سقوط نظام حسني مبارك، مرورًا بحكم الإخوان المسلمين، وصولًا إلى تولي الجيش السلطة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

فكرة الكتاب ومحتواه الرئيسي

يتناول الكتاب كيف تعاملت الولايات المتحدة مع التحولات الكبرى في مصر، وكيف ترددت بين دعم الحرية والديمقراطية من جهة، والحفاظ على مصالحها الأمنية والاستراتيجية في المنطقة من جهة أخرى.
يركّز كيركباتريك على أن واشنطن – رغم دعمها المعلن للثورات العربية – لم تتعامل بجدية مع مطلب التحوّل الديمقراطي في مصر، بل اختارت “الاستقرار العسكري” على “الإرادة الشعبية”.

ينقسم الكتاب إلى عدة فصول تتناول:

• الربيع العربي وبداية الثورة المصرية.
• صعود الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي إلى الحكم.
• الصدام بين مؤسسات الدولة والرئاسة المنتخبة.
• الانقلاب العسكري عام 2013 وتداعياته الداخلية والدولية.
• الموقف الأمريكي بين الشعارات الديمقراطية والمصالح الواقعية.

من خلال تجربته كمراسل عاش الأحداث ميدانياً، يعرض الكاتب شهادات من داخل أروقة السلطة المصرية والأمريكية، ويقارن بين الخطاب الرسمي والسياسات الميدانية.

شرح وتحليل الكتاب

يرى كيركباتريك أن مصر كانت اختباراً فاشلاً للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. فقد أظهرت الأزمة المصرية حدود القوة الأمريكية وقدرتها على التأثير في الأحداث، رغم الدعم المالي والسياسي الكبير للقاهرة.

ويصف الكاتب العلاقة بين واشنطن والقاهرة بأنها تحالف قائم على المصالح العسكرية والأمنية منذ معاهدة كامب ديفيد، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية لم ترغب فعلياً في نجاح التجربة الديمقراطية خوفاً من فقدان نفوذها في المنطقة.

كما يُبرز الكتاب الجانب الإنساني للثورة، من خلال قصص شبّان وشابات حلموا بالحرية ثم وجدوا أنفسهم في السجون أو المنافي.
ويؤكد المؤلف أن المصريين “لم يُهزموا لأنهم لم يرغبوا في الديمقراطية، بل لأن العالم من حولهم لم يرغب بها لهم”.

✒️ اقتباسات مختارة من الكتاب

“كانت واشنطن تريد الديمقراطية… ولكن فقط إن جاءت بمن تحب.”

“الثورات لا تفشل بسبب ضعفها، بل لأن القوى التي تدّعي دعمها تخونها عند أول اختبار.”

“في مصر، الحرية لم تُقتل بيد الشعب، بل على أيدي العسكر… وبصمت العالم.”

“كان الميدان حلمًا جميلاً، لكن السياسة كانت كابوسًا أطول عمرًا.”

الأسئلة المقترحة وإجاباتها

س: ما الرسالة الأساسية التي يريد الكاتب إيصالها؟

ج: أن الديمقراطية لا يمكن أن تنجح إذا كانت القوى العظمى تفضّل الاستقرار القمعي على الحرية الحقيقية، وأن الولايات المتحدة تخلّت عن قيمها حين دعمت عودة الحكم العسكري في مصر.

س: هل الكتاب معادٍ لمصر؟

ج: لا، بل ينتقد المنظومة السياسية الدولية التي سمحت بانهيار التجربة الديمقراطية، ويعبّر عن تعاطف كبير مع الشعب المصري وتضحياته.

س: ما الذي يميّز هذا الكتاب عن غيره من الكتب السياسية عن الربيع العربي؟

ج: كونه مكتوباً بقلم صحفي عاش الأحداث يوماً بيوم داخل مصر، ويستند إلى مقابلات حصرية ووثائق أمريكية سرّية.

س: هل يقدّم الكتاب حلولاً أو مجرد نقد؟

ج: يقدم رؤية نقدية أكثر من كونه وثيقة للحلول، لكنه يدعو إلى مراجعة سياسات الغرب تجاه المنطقة، وفهم الشعوب بدلاً من دعم الأنظمة فقط.

نبذة عن الكاتب ديفيد كيركباتريك

ديفيد كيركباتريك (David D. Kirkpatrick) هو صحفي أمريكي بارز، عمل مراسلاً لصحيفة The New York Times في الشرق الأوسط لسنوات.

تخصّص في تغطية الثورات العربية منذ 2011، وكتب العديد من التقارير التي تناولت التحولات السياسية والاجتماعية في مصر وتونس وليبيا.

يعتبر كتاب في أيدي العسكر شهادة تاريخية نادرة على لحظة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. فهو لا يكتفي بسرد الأحداث، بل يكشف التناقضات الأخلاقية والسياسية التي صاحبتها.

الكتاب موجّه لكل من يريد فهم كيف تغيّر مسار الربيع العربي، ولماذا تحوّل الحلم بالديمقراطية إلى واقعٍ مختلف تماماً.